الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***
وعنه: الواجب الكفَّارة لا غير. وعن الشافعيِّ كالروايتين. وقال أبو حنيفة: يلزمه الوفاء به. وقال مالكٌ في صدقة المال: يلزمه الثلث، وفي غيره: يلزمه الوفاء. لنا أربعة أحاديث: 3231- الحديث الأوَّل: قال الإمام احمد: حدَّثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن شِماسة عن أبي الخير مَرْثَد بن عبد الله عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كفَّارة النذر كفَّارة اليمين". انفرد بإخراجه مسلمٌ. ز: رواه مسلمٌ عن غير واحد عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن كعب. وقد روي عن ابن شِماسة عن عقبة بن عامر. وروي عن كعب عن أبي الخير، من غير ذكر ابن شِماسة O. 3232- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا إسماعيل بن أبان الورَّاق ثنا أبو بكر النهشلي عن محمد بن الزبير عن الحسن عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا نذر في غضب، وكفَّارته كفَّارة يمين". ز: رواه النسائي من رواية أبي بكر النهشلي وغيره عن محمد بن الزبير الحنظلي، وهو منكر الحديث. قاله البخاري، وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث ومتنه. ولم يصحّ عن الحسن عن عمران بن حصين سماعٌ من وجهٍ صحيحٍ يثبت. قاله عليُّ بن المديني، والله أعلم O. 3233- الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا الحسين بن إسماعيل ثنا أحمد بن منصور زاج ثنا عمر بن يونس ثنا سليمان بن أبي سليمان عن يحيى بن أبي كثير عن طاوس عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا نذر إلا فيما أطيع الله، ولا يمين في غضب، ولا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك". ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه، وهو حديثٌ لا يصحُّ، لأنَّ سليمان بن أبي سليمان هو: سليمان بن داود اليمامي، وهو متَّفقٌ على ضعفه، قال يحيى بن معين: ليس بشيءٍ. وقال البخاريُّ: منكر الحديث. وقال ابن عَدِيٍّ: عامَّة ما يرويه لا يتابعه عليه أحدٌ O. 3234- الحديث الرابع: قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَثنا أحمد بن محمد بن زياد القطَّان ثنا جعفر بن محمد بن كزال ثنا محمد بن نعيم بن هارون ثنا كثير ابن مروان ثنا غالب بن عبيد الله العقيلي عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من جعل عليه نذرًا في معصية فكفَّارة يمين، ومن جعل عليه نذرًا فيما لا يطيق فكفَّارة يمين، ومن جعل عليه نذرًا فيما لم يسمِّه فكفَّارة يمين، ومن جعل ماله هديًا إلى الكعبة في أمر لا يريد به وجه الله فكفَّارة يمين، ومن جعل ماله في المساكين صدقة في أمر لا يريد به وجه الله فكفَّارة يمين، ومن جعل عليه المشي إلى بيت الله في أمر لا يريد به وجه الله فكفَّارة يمين، ومن جعل عليه المشي إلى بيت الله تعالى في أمر يريد به وجه الله تعالى فليركب ولا يمشي، فإذا أتى مكة قضى نذره، ومن جعل عليه نذرًا لله تعالى فيما يريد به وجه الله تعالى فليتق الله وليف به". قال المصنف: غالب ضعيفُ الحديث. ز: هذا الحديث لا يصحُّ، ولا يثبت، وفيه غير واحدٍ من الضعفاء. وغالب بن عبيد الله: ليس بثقةٍ، ولا مأمون، بل هو مجمعٌ على ترك الاحتجاج به. وليت هذا الحديث يصحُّ عن عطاء من قوله! والله أعلم O.
وعنه: يرجع إلى ما نواه من ماله. وقال أبو حنيفة: يتصدق بجميع أمواله الزكاتيَّة، في إحدى روايتيه؛ وفي الأخرى: يتصدق بجميع ما يملك، وبها قال الشافعيُّ. 3235- قال الإمام أحمد: حدَّثنا روح ثنا ابن جريج قال: أخبرني ابن شهاب أن الحسين بن السائب بن أبي لبابة أخبره أنَّ أبا لبابة بن عبد المنذر قال- لمَّا تاب الله تعالى عليه-: يا رسول الله، إنَّ من توبتي أن أهجر دار قومي وأساكنك، وأن أنخلع من مالي صدقة لله ولرسوله. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يجزئ عنك الثلث". ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه. والحسين: ذكره ابن حِبَّان في كتاب " الثقات"، وقال: يروي عن أبيه المراسيل. وله ذكرٌ في " سنن أبي داود " في النذور، وقد روى أبو داود نحوه من رواية كعب بن مالك، والله أعلم O.
3236- أنبأنا محمد بن عبد الملك عن أبي محمد الجوهري عن أبي حفص بن شاهين ثنا محمد بن هارون بن حميد ثنا داود بن رشيد ثنا بقيَّة عن بحير ابن سعد عن خالد بن معدان عن أبي المتوكل عن أبي هريرة أنَّه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "ليس لها كفَّارةٌ: يمينٌ صابرةٌ ليقتطع بها مالاً بغير حقٍّ". ز: هذا الحديث لم يخرِّجه أحدٌ من أئمة " الكتب الستَّة"، وإسناده جيِّدٌ. وقد رواه الإمام أحمد في " مسنده " مطولاً، فقال: 3237- حدَّثنا زكريا بن عَدِيٍّ ثنا بقيَّة عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المتوكل- أو: أبي المتوكل- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من لقي الله عزَّ وجلَّ لا يشرك به شيئًا، وأدَّى زكاة ماله طيِّبة بها نفسه محتسبًا، وسمع وأطاع، فله الجنَّة- أو: أدخل الجنَّة-، وخمسٌ ليس لهنَّ كفارة: الشرك بالله عزَّ وجلَّ، وقتل النفس بغير حقٍّ، أو بهت مؤمن، أو الفرار من يوم الزحف، أو يمينٌ صابرةٌ يقتطع بها مالاً بغير حقٍّ". كذا فيه: (عن المتوكل- أو: أبي المتوكل- ). وقوله: (صابرة): بمعنى مصبورة، كـ {عِيْشَةٍ رَاضِيَةٍ} [القارعة: 7] O.
وقال أبوحنيفة: تنعقد. 3238- قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا محمد بن الحسن المقري ثنا الحسين بن إدريس ثنا خالد بن الهيَّاج ثنا أبي عن عنبسة بن عبد الرحمن عن العلاء عن مكحول عن واثلة بن الأسقع وعن أبي أمامة قالا: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس على مقهورٍ يمينٌ". قال المصنِّف: عنبسة ضعيفٌ. ز: هذا حديثٌ منكرٌ جدًّا، بل موضوعٌ، وفي إسناده جماعةٌ من الضعفاء الذين لا يجوز الاحتجاج بهم O.
وقال أكثرهم: لا ينعقد، ولا يلزم كفَّارة. لنا: حديث عمران بن حصين: أنَّ امرأة نجت على العضباء، فنذرت لتنحرنها، فقال عليه السلام: "لا وفاء لنذر في معصية الله". وقد سبق بإسناده. 3239- وقال الترمذي: حدَّثنا قتيبة ثنا أبو صفوان عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا نذر في معصية، وكفَّارته كفَّارة يمين". ز: هذا الإسناد رواته كلُّهم ثقات، لكن الحديث غير صحيح، لأنَّ له علة توجب ضعفه، وقد حكى بعضهم الاتفاق على ضعفه. وقال بعضهم: احتجَّ به أحمد وإسحاق. وقد روى هذا الحديث: أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي من حديث يونس. وقال الترمذي بعد أن رواه: وهذا حديث لا يصحُّ، لأنَّ الزهريَّ لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة. سمعت محمدًا يقول: روي عن غير واحد، منهم: موسى بن عقبة وابن أبي عتيق عن الزهري عن سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال محمدٌ: والحديث هو هذا. ثم رواه من حديث سليمان بن أرقم، وقال: هذا حديث غريب، وهو أصحُّ من حديث أبي صفوان عن يونس. وكذلك رواه أبو داود والنسائي من حديث سليمان. وقال النسائي: سليمان بن أرقم متروك الحديث، خالفه غير واحد من أصحاب يحيى في هذا الحديث. وقال الإمام أحمد- في رواية حنبل-: هذا حديث منكرٌ، وزعموا أنَّ الزهري رواه عن سليمان بن أرقم. وقال في رواية أبي داود: أفسدوا علينا حديث الزهري عن أبي سلمة، قالوا: عن سليمان بن أرقم. وقد سئل الدَّارَقُطْنِيّ عن هذا الحديث، فذكر الاختلاف فيه على الزهريِّ، ثم قال: والصحيح حديث ابن أبي عتيق وموسى بن عقبة عن الزهريِّ. وقال الترمذي: وقال قوم من أهل العلم من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم: لا نذر في معصية، وكفَّارته كفَّارة يمين، وهو قول أحمد وإسحاق، واحتجَّا بحديث الزهريِّ عن أبي سلمة عن عائشة O.
وقال أكثرهم: لا ينعقد. 3240- قال الإمام أحمد: حدَّثنا زيد بن الحباب قال: حدَّثني حسين ابن واقد قال: حدَّثني عبد الله بن بريدة قال: حدَّثني بريدة أنَّ أمةً سوداء أتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد رجع عن بعض مغازيه، فقالت: إني كنت نذرت إن ردَّك الله صالحًا أن أضرب عليك بالدُّفِّ، فقال: "إن كنت فعلت فافعلي". فضربت. ز: رواه الترمذي وأبو حاتم البستي من رواية الحسين بن واقد. وقال الترمذي: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ O.
3241- قال أبو داود: حدَّثنا محمد بن حسَّان السَّمتي ثنا [] خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار: فأمَّا الذي في الجنة: فرجل عرف الحقَّ فقضى به؛ ورجل عرف الحقَّ فجار في الحكم فهو في النار؛ ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار". ز: رواه ابن ماجه عن إسماعيل بن توبة عن خلف، ورواه النسائي عن [إبراهيم بن] يعقوب عن سعيد بن سليمان [] عن خلف، ورواه الترمذي عن محمد بن إسماعيل عن الحسن بن بشر عن شريك عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة. وهو حديثٌ حسنٌ أو صحيحٌ O.
3242- قال الإمام أحمد: حدَّثنا هاشم ثنا المبارك عن الحسن عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لن يفلح قوم تملكهم امرأة". انفرد بإخراجه البخاري. ز: رواه البخاري من رواية عوف، والترمذي والنسائي من رواية حميد الطويل، كلاهما عن الحسن به O.
لنا: 3243- ما روى أبو بكر عبد العزيز- من أصحابنا- من حديث عبد الله بن جراد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حكم بين اثنين تحاكما إليه وارتضياه، فلم يقل بينهما بالحقِّ فعليه لعنة الله". ز: هذا الحديث لا يصلح الاحتجاج به، لأنَّه من نسخة ابن جراد، وهي نسخةٌ باطلةٌ، وقد ذكر المؤلِّف فيما تقدَّم أنها نسخةٌ موضوعةٌ، وبالغ في الحط على الخطيب لما احتجَّ بحديثٍ منها! والله الموفق للصواب O.
وعنه: لا يقضى عليه، كقول أبي حنيفة. لنا: قوله عليه السلام: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". وقد سبق بإسناده في النفقات. ز: قال بعضهم: في الاستدلال بهذا الحديث على القضاء على الغائب نظرٌ، لأنه يحتمل الفتوى، بل قد يقال: يتعين للفتوى، لأنَّ الحكم يحتاج إلى إثبات السبب المسلط على الأخذ من مال الغير، ولا يحتاج إلى ذلك في الفتوى. وقد يقال: إنَّ أبا سفيان كان حاضرًا في البلد، ولا يقضى على الغائب الحاضر في البلد مع إمكان إحضاره وسماعه الدعوى عليه، في المشهور من مذاهب العلماء، والله أعلم O.
وقال أبو حنيفة: يحيله في العقود والفسوخ. 3244- قال البخاري: حدَّثنا عبد العزيز بن عبد الله ثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير أنَّ زينب بنت أمِّ سلمة أخبرته عن أمِّها أمِّ سلمة زوج النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرتها عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه سمع خصومة بباب حجرته، فخرج إليهم، فقال: "إنما أنا بشرٌ، وإنَّه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأحسب أنه قد صدق، فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحقِّ مسلمٍ فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو فليتركها". [أخرجاه في " الصحيحين "]. 3245- قال المؤلف: وأخبرناه عاليًا عليُّ بن عبيد الله أنا عبد الصمد ابن المأمون أنا حبابة ثنا ابن صاعد ثنا عبد الجبَّار بن العلاء ثنا سفيان ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أمِّها أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للناس: "إنما أنا بشر مثلكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له من حقِّ أخيه المسلم شيئًا، فإنَّما أقطع له قطعة من النار". احتجُّوا: 3246- بما روي: أنَّ شاهدين شهدا عند عليٍّ عليه السلام على امرأة بالنكاح، فقالت المرأة: أنَّه لم يكن بيننا نكاحٌ، فإن كان ولا بد فزوجني منه، فقال عليٌّ عليه السلام: شاهداك زوَّجاك. وجواب هذا: أنَّ عليًّا عليه السلام لم يطلع على الباطن، أنَّما حكم بالظاهر، فأمَّا الأخذ بالظاهر مع العلم بمنافاة الباطن له فقبيحٌ.
وقال الشافعيُّ: لا يرجع إلى قولهما. لنا: 3247- أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجع إلى قول غيره في قصة ذي اليدين، وقد ذكرناه بإسناده في الطهارة. وذكرنا في أوَّل النكاح أنَّ جماعة حدَّثوا ونسوا، وكان أحدهم يقول: حدَّثني فلان عنِّي.
وقال أبو حنيفة: إذا كان لأحدهما في ذلك منفعة أجبرا على القسمة. وقال مالك: يجبر على القسمة بكلِّ حالٍ. وقال الشافعي: إن كان المطالب ينتفع بذلك أجبر، وإن كان يستضر فعلى وجهين. 3248- قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا الحسين بن إسماعيل ثنا خلاد بن أسلم ثنا روح بن عبادة ثنا ابن جريج قال: أخبرني صُديق بن موسى عن محمد ابن أبي بكر عن أبيه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تعصبة على أهل الميراث، إلا ما حمل القسم". ز: هذا حديثٌ لا يثبتُ، وهو مرسلٌ. وصُديقٌ: ليس بذاك المشهور، وقد ذكره ابن أبي حاتم في " كتابه"، فقال: صُديق بن موسى بن عبد الله بن الزبير، تيميٌّ، كان أصله جزريًّا، ثم تحوَّل إلى مكَّة، روى عن: أبي بردة بن أبي موسى ومحمد بن أبي بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم، روى عنه: ابن جريج وجعفر بن ميسرة. سمعت أبي يقول ذلك O. 3249- قال الدَّارَقُطْنِيّ: وحدَّثنا إسماعيل بن محمد الصفَّار ثنا عباس ابن محمد ثنا عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة ثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو ابن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدريِّ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ضرر ولا ضرار". ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه. وعثمان بن محمد: لا أعرف حاله. وقد رواه الحاكم وزعم أنه صحيح الإسناد، وفي قوله نظرٌ. والمشهور فيه الإرسال، كذلك رواه مالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه مرسلاً، والله أعلم O.
وقال أكثرهم: يوقف الأمر حتى ينكشف. لنا ثلاثة أحاديث: 3250- الحديث الأول: قال أبو داود: حدَّثنا أحمد بن حنبل ثنا عبد الرزَّاق ثنا معمر عن همَّام بن منبِّه عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا كره الاثنان اليمين أو استحباها، فليستهما عليها". ز: هذا الحديث رجاله رجال " الصحيحين". وقد رواه البخاري والنسائي من حديث عبد الرزَّاق بغير هذا اللفظ، والله أعلم O. 3251- الحديث الثاني: قال أبو داود: وحدَّثنا الربيع بن نافع ثنا ابن المبارك عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع مولى أمِّ سلمة عن أمِّ سلمة قالت: أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلان يختصمان في مواريث لهما، لم يكن لهما بيِّنة، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنكم لتختصمون إليَّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجَّته، فمن قضيت له من حقِّ أخيه شيئًا فلا يأخذ منه شيئًا، فأنما أقطع له قطعة من النار". فبكى الرجلان، وقال كلُّ واحدٍ منهما: حقِّي له! فقال لهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أما إذ فعلتما، فاقتسما، وتوخَّيا الحقَّ، ثم استهما، ثم تحالا". ز: هذا الحديث انفرد به أبو داود. وأسامة بن زيد هو: الليثيُّ، [وهو حسن الحديث]، وقد تكلَّم فيه أحمد وغيره، ووثَّقه ابن معين وغيره، وقال ابن عَدِيٍّ: ليس بحديثه بأسٌ O. 3252- الحديث الثالث: قال أبو داود: حدَّثنا محمد بن منهال أنا يزيد بن زريع ثنا ابن أبي عروبة عن قتادة عن خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة أنَّ رجلين اختصما في متاعٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليس لواحدٍ منهما بيِّنة، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "استهما على اليمين ما كان أحبَّا ذلك او كرها". ز: رواه النسائي وابن ماجه من رواية ابن أبي عروبة، والله أعلم O. احتجُّوا: 3253- بما رواه الإمام أحمد، قال: حدَّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبيه أنَّ رجلين اختصما إلى نبيِّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دابة ليس لواحد منهما بيِّنة، فجعلها بينهما نصفين. ز: رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من رواية سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة. وقال النسائي: إسناد هذا الحديث جيِّدٌ O.
وقال أكثرهم: لا يجوز ذلك إلا بإذن المالك. 3254- قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الرزَّاق أنا معمر عن الزهريِّ عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبه على جداره". ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم معرضين، والله لأرمينَّ بها بين أكتافكم. أخرجه البخاريُّ ومسلم في " الصحيحين".
وقال أبو حنيفة: لا يعرض على القافة. 3255- قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا أبو بكر النيسابوري ثنا أحمد بن عبد الرحمن ثنا عمِّي ثنا إبراهيم بن سعد عن الزهريِّ عن عروة عن عائشة قالت: دخل قائفٌ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاهدٌ، وأسامة وزيد بن حارثة مضطجعان، فقال: هذه الأقدام بعضها من بعض! قالت: فتبسم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأعجبه، وأخبر به عائشة. قال إبراهيم بن سعد: وكان زيد أشقر أبيض، وكان أسامة مثل الليل. ز: رواه البخاري عن يحيى بن قزعة، ورواه مسلمٌ عن منصور بن أبي مزاحم، كلاهما عن إبراهيم بن سعد به O.
وقال مالكٌ والشافعيُّ: تردُّ اليمين، ولا يقضى بالنكول. لنا ثلاثة أحاديث: 3256- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال: كتب إليَّ ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لو أنَّ الناس أعطوا بدعواهم، ادَّعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم، ولكن اليمين على المدَّعى عليه". أخرجاه في " الصحيحين". 3257- الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا أحمد بن محمد بن أبي شيبة ثنا محمد بن هشام المرُّوذِيُّ ثنا محمد بن الحسن ثنا حجَّاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "البيِّنة على المدَّعي، واليمين على المدَّعى عليه". ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه من رواية حجَّاج عن عمرو. وحجَّاج هو: ابن أرطاة، ولم يسمعه من عمرو، أنَّما أخذه عن العرزميِّ عنه، والعرزميُّ متروكٌ. وقد رواه الترمذي عن علي بن حُجْر عن علي بن مُسهر وغيره عن محمد بن عبيد الله عن عمرو. وقال: في إسناده مقالٌ، ومحمد بن عبيد الله العرزميُّ يضعَّف في الحديث من قبل حفظه، ضعَّفه ابن المبارك وغيره O. 3258- الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا ابن صاعد ثنا عباس بن محمد الدُّوري ثنا عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة الرأي ثنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "البيِّنة على من ادَّعى، واليمين على من أنكر، إلا في القسامة". قال المصنِّف: مسلم بن خالد ضعيفٌ. ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه، وزيادة الاستثناء فيه منكرةٌ. ومسلم بن خالد الزنجي: تكلَّم فيه غير واحد من الأئمة، وقد اختلف عليه في هذا الحديث: فقيل: عنه هكذا. وقال بشر بن الحكم وغيره: عنه عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه به. وقد رواه ابن عَدِيٍّ من الوجهين، وقال: هذان الإسنادان يعرفان بمسلم عن ابن جريج، وفي المتن زيادة قوله: (إلا في القسامة)، والله أعلم O. احتجُّوا: 3259- بما رواه الدَّارَقُطْنِيّ، قال: حدَّثنا أبو هريرة محمد بن علي الأنطاكي ثنا يزيد بن محمد بن عبد الصمد الدمشقي ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا محمد بن مسروق عن إسحاق بن الفرات عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ردَّ اليمين على طالب الحق. والجواب: أنَّ فيه جماعةٌ مجاهيلٌ. ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه، وجواب المؤلِّف غير صحيحٍ، فإنَّ رواة هذا الحديث ليس فيهم مجهولٌ، لكن الحديث فيه نكارةٌ. وإسحاق بن الفرات: قال عبد الحقِّ: هو ضعيفٌ. وفي قوله نظرٌ، وقد وثَّق إسحاق: أبو عوانة الإسفرايني، وقال أبو حاتم: هو شيخٌ ليس بالمشهور، وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: ما رأيت فقيهًا أفضل منه، وكان عالمًا. وقال ابن يونس: كان فقيهًا، ولي القضاء بمصر، خليفة لمحمد بن مسروق الكندي، وفي أحاديثه أحاديث كأنها منقلبة O.
لنا: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشترى فرسًا من أعرابي ولم يشهد: 3260- قال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهريِّ قال: حدَّثني عمارة بن خزيمة أنَّ عمَّه حدَّثه- وهو من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابتاع فرسًا من أعرابي، فاستتبعه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليقبضه ثمن فرسه، فأسرع النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المشي، وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومون بالفرس، لا يشعرون أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابتاعه، حتى زاد بعضهم الأعرابي في السوم على ثمن الفرس الذي ابتاعه به النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنادى الأعرابي النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إن كنت مبتاعًا هذا الفرس فابتعه، وإلا بعته. فقام النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين سمع نداء الأعرابي، فقال: "أوليس قد ابتعتُه منك؟!". قال: لا، والله ما بعتك. فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بلى، قد ابتعته منك". فطفق الناس يلوذون برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأعرابي وهما يتراجعان، فطفق الأعرابي يقول: هلم شهيدًا يشهد أني بايعتك. فمن جاء من المسلمين قال للأعرابي: ويلك أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن ليقول إلا حقًّا! حتَّى جاء خزيمة، فاستمع لمراجعة النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومراجعة الأعرابي، وطفق الأعرابي يقول: هلم شهيدًا يشهد أنِّي بايعتك. فقال خزيمة: أنا أشهد أنَّك قد بايعته. فأقبل النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على خزيمة فقال: "بم تشهد؟". فقال: بتصديقك يا رسول الله. فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهادة خزيمة بشهادة رجلين. ز: رواه أبو داود عن محمد بن يحيى بن فارس عن الحكم بن نافع، ورواه النسائي من رواية الزبيديِّ عن الزهريِّ، وهو حديث صحيح. وعمارة بن خزيمة: ثقةٌ، والله أعلم O.
وعنه: لا يقبل إلا امرأتين، كقول مالك. وقال الشافعيُّ: لا يقبل إلا أربع نسوة. 3261- قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق ثنا أحمد بن القاسم بن مساور ثنا محمد بن إبراهيم بن معمر ثنا محمد بن عبد الملك الواسطي عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجاز شهادة القابلة. قال الدَّارَقُطْنِيّ: محمد بن عبد الملك لم يسمع من الأعمش، بينهما رجلٌ مجهولٌ، وهو أبو عبد الرحمن المدائني. 3262- وقد روى أصحابنا من حديث ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يجزئ في الرضاع شهادة امرأة واحدة. ز: حديث حذيفة لم يخرِّجوه، وهو حديثٌ باطلٌ لا أصل له. وحديث ابن عمر: رواه الإمام أحمد، فقال: 3263- حدَّثنا عبد الرزَّاق أنا شيخٌ من أهل نجران قال: حدَّثني محمد ابن عبد الرحمن بن البَيلماني عن أبيه عن ابن عمر أنَّه سأل النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو: أنَّ رجلاً سأل النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: ما الذي يجوز في الرضاع من الشهود؟ فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رجلٌ أو امرأةٌ". هكذا رواه. وقال عبد الله بن أحمد: ثنا أبي ثناه ابن أبي شيبة عن معتمر عن محمد بن عُثَيم عن محمد بن عبد الرحمن. يعني هذا الحديث. 3264- قال عبد الله: وثنا أبو بكر عبد الله بن أبي شيبة ثنا معتمر عن محمد بن عُثَيم عن محمد بن عبد الرحمن بن البَيلماني عن أبيه عن ابن عمر قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما يجوز في الرضاعة من الشهود؟ فقال: "رجلٌ وامرأةٌ". كذا قال: (رجلٌ وامرأةٌ). ولم يخرِّج هذا الحديث أحدٌ من أصحاب " الكتب الستَّة"، وهو حديثٌ ضعيفٌ. وابن البَيلماني: ليس بشيءٍ. قاله ابن معين، وقال ابن عَدِيٍّ: الضعف على حديثه بَيِّنٌ. وروى هذا الحديث في ترجمته، ولفظه: سئل نبيُّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما يجوز في الرضاع من الشهود؟ قال: "رجلٌ وامرأة". وقد روى البخاري في " صحيحه " عن عقبة بن الحارث أنَّه تزوَّج أمَّ يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء، فقالت: قد أرضعتكما. قال: فذكرت ذلك للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأعرض عنِّي، قال: فتنحَّيت، فذكرت ذلك له، فقال: "فكيف وقد زعمت أنَّها أرضعتكما؟!". فنهاه عنها. وفي لفظ: "دعها عنك". وللدَّارَقُطْنِيّ: "دعها عنك، لا خير لك فيها " O.
لنا حديثان: 3265- الحديث الأول: قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الرزَّاق ثنا محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غِمرْ على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت، وتجوز شهادته لغيرهم". والقانع: الذي ينفق عليه أهل البيت. قال المصنِّف: محمد بن راشد ضعيفٌ. ز: رواه أبو داود عن حفص بن عمر عن محمد بن راشد. وقد وثَّق محمدًا: أحمدُ بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما، وتكلَّم فيه بعض الأئمة. وقد تابعه غيره عن سليمان. وقد روى ابن ماجه نحوه من رواية حجَّاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب، والله أعلم O. 3266- الحديث الثاني: قال الترمذي: حدَّثنا قتيبة ثنا مروان بن معاوية الفزاري عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا مجلود حدًّا، ولا ذي غِمْر لأخيه، ولا القانع لأهل البيت لهم، ولا ظنين في ولاء ولا قرابة". قال الفزاري: القانع التابع. قال أبو عبيد: هو التابع للقوم، كالخادم لهم؛ والظنين: المتهم في دينه. قال المصنِّف: يزيد بن زياد ضعيفٌ لا يحتجُّ به. قاله الدَّارَقُطْنِيّ. ز: هذا الحديث انفرد به الترمذي، وقال: غريبٌ، لا يعرف هذا الحديث من حديث الزهري إلا من حديثه. يعني يزيد بن زياد. وقال النسائي: يزيد بن زياد متروك الحديث. وقد روي بإسنادٍ ضعيفٍ من حديث ابن عمر، والله أعلم O.
وعنه: تجوز شهادة الابن لأبيه. وعنه: تجوز شهادة أحدهما للآخر، فيما لا تهمة فيه، كالنكاح والطلاق والمال، وكلُّ واحد مستغن عن صاحبه. وقال داود والمزني وأبو ثور: تجوز على الإطلاق. لنا: الحديث المتقدِّم.
وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: تقبل. وقال مالكٌ كقولنا فيما عدا الجراح، فإنه تقبل شهادته احتياطًا للدماء. 3267- قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا عبد الملك بن أحمد الدَّقَّاق ثنا يونس ابن عبد الأعلى ثنا ابن وهب أنا يحيى بن أيوب ونافع بن يزيد عن ابن الهاد عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تقبل شهادة البدويِّ على القرويِّ". ز: رواه أبو داود عن أحمد بن سعيد الهمداني عن ابن وهب، ولفظه: "لا تجوز شهادة بدويٍّ على صاحب قرية". ورواه ابن ماجه عن حرملة عن ابن وهب عن نافع وحده. وإسناده جيِّدٌ. وقال البيهقي: وهذا الحديث مما تفرَّد به محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار O.
وقال أبو حنيفة: تقبل. 3268- قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا أحمد بن عبد الله وكيل أبي صخرة ثنا علي بن حرب ثنا الحسن بن محمد ثنا عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ترث ملَّة ملَّة، ولا تجوز شهادة أهل ملَّة على ملَّة، إلا أمَّتى فإنه تجوز شهادتهم على من سواهم". قال الدَّارَقُطْنِيّ: عمر بن راشد ليس بالقويِّ. ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه. وعمر بن راشد: ضعَّفه يحيى بن معين وغيره، وقال النسائي: ليس بثقةٍ. وقال ابن عَدِيٍّ: هو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق. وروى هذا الحديث في ترجمته، فقال: 3269- أخبرنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي ثنا علي بن الجعد ثنا عمر بن راشد اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة- أحسبه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لايرث أهل ملَّة ملَّة، ولا تجوز شهادة ملَّة على ملَّة، إلا أمَّتي تجوز شهادتهم على من سواهم". حدَّثنا جعفر بن أحمد بن عاصم ثنا ابن مصفَّى ثنا بقيَّة ثنا الأسود بن عامر عن عمر بن راشد بإسناده نحوه O. احتجُّوا بحديثين: 3270- الحديث الأول: قال ابن ماجه: حدَّثنا محمد بن طريف ثنا أبو خالد الأحمر عن مجالد عن عامر عن جابر بن عبد الله أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجاز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض. 3271- الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا البغوي وأحمد بن الحسين بن الجنيد قالا: ثنا الحسن بن عرفة ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن الشعبيِّ عن جابر قال: أُتي النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيهوديٍّ ويهوديَّة قد زنيا، فقال لليهود: "ما يمنعكم أن تقيموا عليهما الحدَّ؟". فقالوا: كنا نفعل إذ كان الملك لنا، فلما أن ذهب ملكنا فلا نجترئ على الفعل. فقال لهم: "ائتوني بأعلم رجلين فيكم". فأتوه بابني صوريا، فقال لهما: "أنتما أعلم من وراءكما؟". قالا: يقولون. قال: "فأنشدكما بالله الذي أنزل التوراة على موسى: كيف وما أشار إليه المنقح موافق لما في " التنقيح " للذهبي، ووقع فيه زيادة أخرى في الكلام على الحديث، وهي: (عبد الرحمن هو ابن أبي الجون، قال أبو حاتم: لا يحتج به) ا. هـ.. ولا ندري هل هذه الزيادة من الذهبي أم أنها وقعت في بعض النسخ؟ ويقوي الثاني أن الذهبي لم يصدرها بكلمة (قلت) كما هي عادته فيما يزيد، والله أعلم. تجدون حدَّهما في التوراة؟". فقالا: إذا شهد أربعة أنهم رأوه يدخله فيها كما يدخل الميل في المُكْحُلَةُ، رجم. قال: "ائتوني بالشهود". فشهد أربعة، فرجمهما النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والجواب: هذان الحديثان تفرَّد بهما مجالد، قال أحمد: ليس بشيءٍ. وقال يحيى: لا يحتجُّ بحديثه. وكذلك قال ابن حِبَّان: لا يجوز الاحتجاج به. ز: الحديث الأول: انفرد به ابن ماجه، وهو مختصرٌ من الحديث الذي بعده. والحديث الثاني: رواه أبو داود عن يحيى بن موسى البلخي عن أبي أسامة عن مجالد بنحوه. وعن وهب بن بقيَّة عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم والشعبيِّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه، ولم يذكر: فدعا بالشهود فشهدوا. وعن وهب عن هشيم عن ابن شبرمة عن الشعبيِّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنحو منه. وهذا الذي تفرَّد به مجالد من الزيادة في الحديث لم يتابع عليه، ومجالد لا يحتجُّ بما انفرد به، قال الفلاس: سمعت يحيى بن سعيد القطََّان يقول: لو شئت أن يقول لي مجالد فيها كلها عن الشعبيِّ عن مسروق عن عبد الله عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقال. وقال ابن عَدِيٍّ: ومجالد له عن الشعبيِّ عن جابر أحاديث صالحة، وعن غير جابر من الصحابة أحاديث صالحة، وجملة ما يرويه عن الشعبيِّ، وقد روى عن غير الشعبيِّ، ولكن أكثر روايته عنه، وعامَّة ما يرويه غير محفوظٍ O.
3272- وقال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الوهَّاب الثقفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مع الشاهد. ز: رواه الترمذي عن ابن بشَّار ومحمد بن أبان عن عبد الوهَّاب به، وعن علي بن حُجْر عن إسماعيل بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مع الشاهد الواحد. قال: وقضى بها عليٌّ عليه السلام. قال: وهذا أصحُّ. وهكذا روى الثوري عن جعفر عن أبيه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل. وروى عبد العزيز بن أبي سلمة ويحيى بن سليم هذا الحديث عن جعفر عن أبيه عن علي عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورواه ابن ماجه عن بندار عن الثقفيِّ به O. 3273- وقال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا ابن مخلد ثنا عبَّاس بن محمد ثنا شبابة ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بشهادة شاهد واحد، ويمين صاحب الحقِّ، وقضى به عليٌّ عليه السلام بالعراق. ز: هذا إسناد منقطعٌ، فإنَّ محمد بن عليِّ بن الحسين لم يدرك جدَّ أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقد أطال الدَّارَقُطْنِيّ الكلام في كتاب " العلل " على حديث جعفر هذا في " مسند عليٍّ"، ثم قال: وكان جعفر بن محمد ربَّما أرسل هذا الحديث، وربَّما وصله عن جابر، لأنَّ جماعة من الثقات حفظوه عن أبيه عن جابر، والحكم يوجب أن يكون القول قولهم، لأنَّهم زادوا، وهم ثقات، وزيادة الثقة مقبولةٌ O. وقد روى هذا الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عمر بن الخطَّاب وابن عبَّاس وأبو هريرة وابن عمر وابن عمرو وزيد بن ثابت وأبو سعيد الخدري وسعد بن عبادة وعامر بن ربيعة وسهل بن سعد وعمارة بن حزم وعمرو بن حزم والمغيرة بن شعبة وبلال بن الحارث وسلمة بن قيس وأنس بن مالك وتميم الداريُّ وزبيب بن ثعلبة وسُرَّق.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يثبت النسب حتى يقرَّ اثنان. لنا: حديث ابن زمعة، قال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي. فأثبت النسب بإقراره، وقد سبق هذا الحديث بإسناده في أنَّ الأمة تكون فراشًا.
وقال أبو حنيفة: يخيَّر الشريك بين أن يعتق، أو يستسعي العبد، أو يقومه على شريكه. فإن أعتق المعسر نصيبه من العبد لم يجب عليه عتق الباقي. وقال أبو حنيفة: يجب بالاستسعاء أو بعتق الشريك. لنا حديثان: 3274- الحديث الأول: قال الإمام أحمد: حدَّثنا يزيد أنا يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أعتق نصيبًا له في مملوك، كلف أن يتم عتقه بقيمة عدل، فإن لم يكن له مال يعتقه به، فقد جاز ما عتق". ز: رواه مسلم عن محمد بن المثنَّى عن عبد الوهَّاب الثقفيِّ عن يحيى، ورواه البخاري تعليقًا، فقال: ورواه يحيى بن سعيد عن نافع مختصرًا. ورواه أبو داود والنسائي من رواية يزيد بن هارون. وهو مخرَّج في " الصحيحين " من رواية مالك وغيره عن نافع، والله أعلم O. 3275- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا عبد الرزاق ثنا عمر بن حوشب قال: حدَّثني إسماعيل بن أميَّة عن أبيه عن جدِّه قال: كان لهم غلام فأعتق جدَّه نصفه، فجاء العبد إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تعتق في عتقك، وترق في رقك". قال: فكان يخدم سيده حتى مات. قال المصنِّف: جدُّ أميَّة هو: عمرو بن سعيد، وله صحبة. ز: هذا الحديث مرسلٌ، وليس هو مخرَّج في شيء من " الكتب الستَّة". وعمرو بن سعيد هو: المعروف بـ " الأشدق"، وليست له صحبة. وعمر بن حوشب: ليس بالمشهور، وقد ذكره ابن أبي حاتم في " كتابه"، فقال: عمر بن حوشب الصنعاني، روى عن: إسماعيل بن أميَّة، روى عنه: عبد الرزَّاق، سمعت أبي يقول ذلك O. احتجُّوا بثلاثة أحاديث: 3276- الحديث الأول: قال الإمام أحمد: حدَّثنا يزيد بن هارون أنا سعيد عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نَهيك عن أبي هريرة عن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من كان له شقص في مملوك، فأعتق نصيبه، فعليه خلاصه إن كان له مال، فإن لم يكن له مال، استسعى العبد في ثمن رقبته، غير مشقوق عليه". 3277- الحديث الثاني: قال أحمد: حدَّثنا عبد الله بن بكر السهمي ثنا سعيد عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه أنَّ رجلاً من هذيل أعتق شقيصًا له من مملوك، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هو حرٌ كلُّه، ليس لله تعالى شريكٌ". 3278- الحديث الثالث: قال أحمد: وحدَّثنا يزيد بن هارون أنا حجَّاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب قال: حفظنا من ثلاثين من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: "من أعتق شقيصًا له في مملوك ضمن بقيته". قال المصنِّف: بشير بن نََهيك: مجروحٌ، قال أبو حاتم الرازي: لا يحتجُّ به. وحجَّاج: ضعيفٌ جدًّا. وحديث أبي المليح: محمولٌ على عتق الغني. ز: هذا الذي أجاب به المؤلف ليس بشيءٍ، فإنَّ حديث أبي هريرة مخرَّج في " الصحيحين " من رواية بشير بن نَهيك عنه، رواه البخاري من رواية يزيد بن زريع وغيره عن سعيد بن أبي عروبة، ورواه مسلمٌ من رواية عيسى ابن يونس وغيره عن سعيد. وقد تكلَّم جماعة من الأئمة في حديث سعيد هذا، وضعَّفوا ذكر الاستسعاء، وقالوا: الصواب أنَّ ذكر الاستسعاء من رأي قتادة، كما رواه همَّام عنه فجعله من قوله. وفي قول هؤلاء الأئمة نظرٌ، فإنَّ سعيد بن أبي عروبة من الأثبات في قتادة، وليس هو بدون همَّام، وقد تابعه جماعة على ذكر الاستسعاء ورَفْعِه إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهم: جرير بن حازم وأبان بن يزيد العطَّار وحجَّاج بن حجَّاج وموسى بن خلف وحجَّاج بن أرطاة ويحيى بن صبيح الخراساني، والله أعلم. وأمَّا حديث أبي المليح عن أبيه: فرواه أبو داود والنسائي من رواية همَّام عن قتادة عنه. ورواه النسائي من رواية سعيد بن أبي عروبة وهشام عن قتادة عن أبي المليح أنَّ رجلاً، ولم يذكر أباه. قال النسائي: هشام وسعيد أثبت في قتادة من همَّام، وحديثهما أولى بالصواب. كذا قال، وقد تقدَّم أنَّ عبد الله بن بكر رواه عن سعيد، وقال فيه: عن أبيه، والله أعلم وأمَّا حديث حجَّاج بن أرطاة: فلم يخرِّجوه، وحجَّاج مدلسٌ، لكن حديثه شاهدٌ لغيره، والله أعلم O.
وقال أبو حنيفة: يعتق من كلِّ واحدٍ ثلثه، ويستسعي في الباقي. لنا: 3279- ما رواه الإمام أحمد، قال: حدَّثنا إسماعيل ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلَّب عن عمران بن حصين أنَّ رجلاً أعتق ستَّة مملوكين له عند موته، ولم يكن له مال غيرهم، فدعاهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجزأهم أثلاثًا، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرقَّ أربعة، وقال له قولاً شديدًا. انفرد بإخراجه مسلم.
وقال مالك: يعتق الوالدان والمولودون، دون الإخوة والأخوات. وقال الشافعيُّ: يعتق عمودا النسب. 3280- قال أحمد: حدَّثنا يزيد وأبو كامل قالا: ثنا حمَّاد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من ملك ذا رحم فهو عتيق". وقال أبو كامل: "من ملك ذا رحم محرم فهو حرٌّ". قالوا: قد قال يحيى بن سعيد: أحاديث الحسن عن سمرة من كتاب. وقال ابن حبَّان: لم يشافه الحسن سمرة. قلنا: قد قال علي بن المديني: أحاديث سمرة صحاح، قد سمع الحسن من سمرة. وقول ابن المديني مقدَّمٌ. ز: قد تكلِّم في هذا الحديث بسبب آخر، وهو انفراد حمَّاد به، وشكِّه فيه، ومخالفة غيره ممن هو أثبت منه له. وقد رواه أصحاب " السنن الأربعة " من حديث حمَّاد. وفي رواية أبي داود: عن الحسن عن سمرة- فيما يحسب حمَّاد-. وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مسندًا إلا من حديث حمَّاد بن سلمة. وقال البيهقي: والحديث إذا انفرد به حمَّاد بن سلمة، ثم يشكُّ فيه، ثم يخالفه فيه من هو أحفظ منه، وجب التوقف فيه. وقد رواه سعيد عن قتادة عن عمر بن الخطاب من قوله. وقتادة لم يدرك عمر. وقد رواه الطحاوي من رواية الأسود عن عمر موقوفًا. وقد روي من حديث ابن عمر مرفوعًا بإسنادٍ مختلفٍ فيه. وروي بإسنادٍ ضعيفٍ من حديث عائشة. وبإسنادٍ ساقطٍ من حديث علي. وقد كتبت الكلام على جميع ذلك محررًا في مكان آخر، والله أعلم O.
وعنه: يجوز بشرط أن يكون على السيِّد دَينٌ. وقال أبو حنيفة: لا يجوز، إذا كان التدبير مطلقًا. وقال مالكٌ: لا يجوز في حال الحياة، ويجوز بعد الموت إن كان على السيِّد دَينٌ. 3281- قال الترمذي: حدَّثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر أنَّ رجلاً من الأنصار دبَّر غلامًا له، فمات ولم يترك مالاً غيره، فباعه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاشتراه نعيم بن النَّحَّام. قال الترمذي: هذا حديثٌ صحيحٌ. ز: رواه البخاري عن قتيبة، ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم، ثلاثتهم عن سفيان به O. 3282- وقال النسائي: أخبرنا قتيبة ثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر قال: أعتق رجل عبدًا له عن دبر، فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "ألك مال غيره؟". قال: لا. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من يشتريه مني؟". فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم، فجاء بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدفعها إليه، ثم قال: "ابدأ بنفسك فتصدَّق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل من أهلك شيء فلذوي قرابتك، فإن فضل من قرابتك شيء فهكذا وهكذا وهكذا". يقول: من بين يديك، وعن يمينك، وعن شمالك. ز: رواه مسلمٌ عن قتيبة ومحمد بن رُمْح، كلاهما عن الليث به O. 3283- وقال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا يوسف بن يعقوب ثنا إبراهيم بن عبد العزيز ثنا سلم بن قتيبة ثنا ابن أبي ذئب عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببيع المدبَّر. ز: لم يخرِّجوه من رواية سلم بن قتيبة عن ابن أبي ذئب. وقد رواه النسائي من حديث ابن أبي ذئب بغير هذا اللفظ، فقال: 3284- أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم قال: ثنا أبي وعمِّي قالا: ثنا ابن أبي ذئب عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أنَّ رجلاً أعتق عبدًا له، لم يكن له مالٌ غيره، فردَّه عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابتاعه نعيم بن النَّحَّام. كذا رواه بهذا اللفظ. ورواه البخاري عن عاصم بن علي عن ابن أبي ذئب، وهذا أصحُّ من رواية سلم، والله أعلم O. 3285- قال الدُّارَقُطْنِيّ: وحدَّثنا أبو بكر النيسابوري قال: ثنا أحمد ابن يوسف السلمي والعبَّاس بن محمد وإبراهيم بن هانئ قالوا: ثنا أبو نعيم ثنا شَريك عن سلمة بن كُهيل عن عطاء وأبي الزبير عن جابر أنَّ رجلاً مات وترك مدبَّرًا ودَينًًا، فأمرهم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبيعوه في دينه، فباعوه بثمانمائة درهم. قال أبو بكر النيسابوري: قول شَريك: (مات) خطأ، لأنَّ في حديث الأعمش عن سلمة بن كُهيل: (ودفع إليه ثمنه، وقال: "اقض دينك ")، وكذلك رواه عمرو بن دينار وأبو الزبير عن جابر أنَّ سيِّد المدبَّر كان حيًّا يوم بيع المدبَّر. ز: لم يخرِّجوه من حديث شَريك. ورواه النسائي من رواية الأعمش عن سلمة عن عطاء وحده، فقال: 3286- أخبرنا أبو داود ثنا محاضر ثنا الأعمش عن سلمة بن كُهيل عن عطاء عن جابر قال: أعتق رجل من الأنصار غلامًا له عن دبر، وكان محتاجًا، وكان عليه دَين، فباعه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثمانمائة درهم، فأعطاه، قال: "اقض دينك " O. 3287- قال الدَّارَقُطْنِيّ: وحدَّثنا الحسين بن إسماعيل المَحاملي ثنا يوسف بن موسى ثنا جرير عن عبد الغفَّار بن القاسم عن أبي جعفر قال: ذكر عنده أنَّ عطاءً وطاوسًا يقولان عن جابر في الذي أعتقه مولاه في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كان أعتقه عن دبر، فأمره أن يبيعه ويقضيى دينه، فباعه بثمانمائة درهم، فقال أبو جعفر: شهدت الحديث من جابر، إنَّما أذن في بيع خدمته. قال المصنِّف: وهذا الحديث لا يصحُّ، فإنَّ عبد الغفَّار قد كذَّبه سِماك ابن حرب وأبو داود، وقال أحمد: ليس بثقة، عامَّة حديثه بواطيل. وقال ابن المديني: كان يضع الحديث. ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه. ورواه ابن عَدِيٍّ في ترجمة عبد الغفَّار عن محمد بن يوسف بن عاصم عن يوسف بن موسى. وعبد الغفَّار: من غلاة الشيعة، وقد روى عنه شعبة حديثين، قال ابن عَدِيٍّ: ويكتب حديثه مع ضعفه. وقول المؤلِّف: (كذَّبه سِماك بن حرب) وهمٌ، إنَّما الذي كذَّبه سِماك الحنفيُّ، وهو سماك بن الوليد، فقال أبو داود الطيالسي: سمعت شعبة يقول: سمعت سماكًا الحنفيَّ يقول لأبي مريم- يعني عبد الغفَّار- في شيءٍ ذكره: كذبت والله O.
وقال أكثرهم: لا يجوز. 3288- قال الإمام أحمد: حدَّثنا إسحاق بن عيسى ثنا ليث قال: حدَّثني ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنَّ بريرة جاءت عائشة تستعينها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابتاعي فأعتقي، فإنما الولاء لمن أعتق". ز: رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن قتيبة عن ليث O.
وقال داود: يجوز. 3289- قال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا أبو بكر الشافعيُّ ثنا القاسم بن زكريا المقرئ ثنا محمد بن عبد الله المخرمي ثنا يونس بن محمد- من كتابه- ثنا عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع أمهات الأولاد، وقال: "لا يبعن، ولا يوهبن، ولا يورثن، يستمتع منها سيدها ما دام حيًّا، فاذا مات فهي حرَّة". ز: كذا رواه الدَّارَقُطْنِيّ مرفوعًا، وهو وهمٌ. ورواه معتمر بن سليمان عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن عمر قوله. ورواه يحيى بن إسحاق عن عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر نحوه غير مرفوع. وكذلك رواه فليح بن سليمان عن عبد الله بن دينار. وكذلك رواه البيهقي من رواية سليمان بن بلال وسفيان عن عبد الله بن دينار، وقال: هكذا رواية الجماعة عن عبد الله بن دينار، وغلط فيه بعض الرواة عن عبد الله بن دينار فرفعه إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو وهمٌ، لا يحلُّ ذكره O. 3290- أخبرنا أبو منصور القزَّاز أنا أبو بكر بن ثابت قال: أنا القاضي أبو العلاء الواسطي وأبو القاسم الأزهري وعلي بن أبي علي المعدِّل قالوا: ثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان ثنا أبو عيسى محمد بن أحمد بن إبراهيم ثنا بندار محمد ابن بشَّار ثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ أمهات الأولاد لا يبعن، ولا يوهبن، ولا يورثن، فإذا مات صاحبها فهي حرَّة. قال ابن ثابت: لم أكتبه إلا بهذا الإسناد، والمحفوظ عن ابن عمر قال: قضى عمر أنَّ أمهات الأولاد. أمَّا حجَّتُهم: 3291- فقال الدَّارَقُطْنِيّ: حدَّثنا البغوي ثنا عبيد الله بن عمر ثنا خالد ابن الحارث ثنا شعبة عن زيد العَمِّي عن أبي الصدِّيق الناجي عن أبي سعيد الخدري أنَّه قال في أمهات الأولاد: كنَّا نتبايعهن على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والجواب: أنَّ زيد العَمِّي ليس بشيءٍ، قال ابن حبَّان: لا يجوز الاحتجاج بخبره. ثم من الجائز أن يكون هذا خفي على أبي سعيد وغيره من الصحابة، أو أن يكون النهي ورد بعد ذلك. 3292- قال سعيد بن منصور: حدَّثنا أبو عوانة عن مغيرة عن الشعبيِّ عن عَبيدة قال: خطب عليٌّ الناس، فقال: شاورني عمر في أمهات الأولاد، فرأيت أنا وعمر أن أعتقهنَّ، فقضى بها عمر حياته، وعثمان حياته، فلما وليت رأيت أن أرقَّهن. قال عَبيدة: فرأي عمر وعلي في الجماعة، أحبُّ إليَّ من رأي عليٍّ وحده. ز: حديث أبي سعيد: صحَّحه الحاكم، ورواه العقيلي في ترجمة زيد عن محمد بن إسماعيل عن عمرو بن مرزوق عن شعبة، ثم قال: وهذا المتن يرويه غير زيد العَمِّي بإسناد جيِّد. 3293- ورواه النسائي، فقال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ثنا خالد ثنا شعبة عن زيد العَمِّي عن أبي الصدِّيق عن أبي سعيد في أمهات الأولاد، قال: كنَّا نبيعهن في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال النسائي: زيد العَمِّي ليس بالقويِّ. 3294- وقال أيضًا: أخبرنا إبراهيم بن يعقوب ثنا المكِّي بن إبراهيم أنا ابن جريج قال: حدَّثني أبو الزبير أنَّه سمع جابرًا يقول: كنَّا نبيع سرارينا أمهات الأولاد والنبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيٌّ، ما نرى بذلك بأسًا. 3295- أخبرنا عمرو بن علي ثنا أبو عاصم ثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: كنَّا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا ينكر ذلك علينا. 3296- وقال أبو داود: حدَّثنا موسى بن إسماعيل ثنا حمَّاد عن قيس عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا، فانتهينا. قال الحاكم في هذا الحديث: على شرط مسلم. آخر كتاب تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق والحمد لله رب العالين والصلاة والتسليم الأتمان الأكملان على سيدنا محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون وعلى آله وصحبه أجمعين صلاة دائمة إلى يوم الدين وحسبنا الله ونعم الوكيل علقه لنفسه بيده الفانية ومن شاء الله من بعده العبد الفقير الحقير الذليل المعترف بذنبه وعصيانه المقر لله سبحانه وتعالى بفضله وامتنانه الراجي رحمته الخائف من عذابه محمد بن عبد الله الزركشي غفر الله له ولوالديه وحشره في زمرة من أنعم عليهم بكرمه وجوده ومنه ويمنه وكان الفراغ منه يوم الجمعة لست مضين من شهر جمادى الآخر سنة ست وستين وسبعمائة والحمد الله وحده علقته من نسخة معتمدة عليها حواشي المؤلف وضبطه رحمه الله.
|